كتابة الرواية ج1

نصائح لكتابة رواية مشوقة – الجزء الأول

كم مرة انتهيت من قراءة رواية ما وقلت لنفسك ” أستطيع كتابة رواية مثل هذه”، أعتقد أنا كل وحد فينا يحلم بكتابة رواية أو قصة تراود خياله. الروائي توني ميروسن يعبر عن ذلك قائلاً:

 أجمل كتاب تستطيع قراءته هو كتاب من إبداعك الخاص

كتابة رواية عملية ليست سهلة على الإطلاق ومع ذلك هناك العديد من الكتب التي تنشر يومياً. طبقاً لإحصائيات “بوك إن برنت” لعام 1996، هناك 1.3 مليون كتاب تمت طبعاته. عدد الكتب التي تم نشرها عام 1996 في الولايات المتحدة فقط كان 140.000 كتاب. إذا لماذا لا تأخذ دورك الآن؟

كيف تكتب رواية مشوقة؟

اليوم 1

الكاتب والمحرر الصحفي إ.ب. ويت قال أثناء تسلمه للجائزة الوطنية للآداب “جرأة الكاتب قد تسبب له الفشل… لذلك فأنا معجب بأي شخص يتجرأ على كتابة أي شيء”

في اليوم الأول الذي حددته للشروع في كتابة روايتك، عاهد نفسك بأنك ستكتبها حتى النهاية. إن لم تُلزم نفسك بذلك، فأنصحك بالحفاظ على أوراقك وحبر أقلامك لأن روايتك لن تكتب أبداً. تذكر، أكتب قدر المستطاع، هذا ما يفعلوه كل الكتاب، يكتبون باستمرار…

اليوم 2

خصص وقت معين للكتابة.

تخصيص وقت معين للكتابة من الأمور الهامة لأنك في يوم ما ستشعر بشيء من الضيق أو الملل وربما الإرهاق، وحينما تمر بهذا الشعور عليك أن تدون بعض العناصر الخاصة بالفصل الذي كنت تكتبه وذلك حتى لا تفقد التتابع المنطقي لأحداث روايتك حينما تقرر مواصلة الكتابة من جديد.

قد يحدث وتطرأ ظروف على حياتك تجبرك على تغيير الموعد الذي اعتادت الكتابة فيه، هذا أمر وارد، لا بأس من أن يحدث هذا مرة أو مرتين لكن في الغالب عليك أن تناضل من أجل الحفاظ على وقت معين للكتابة.

ما المقصود بوقت محدد؟

المقصود بوقت محدد هو أن تخصص ساعتين كل صباح وساعتين كل مساء وثمانية ساعات في كل يوم عطلة. حدد إجمالي عدد الساعات التي ستقضيها في الكتابة أسبوعياً، والتزم بهذا العدد الذي حددته لنفسك مهما كانت الظروف.

الكثير من الموهوبين كانوا من الممكن أن يصبحوا كُتاباً كباراً لكنهم دفنوا أنفسهم بأنفسهم وذلك لأنهم كانوا يحددون وقت للكتابة ثم بعد ذلك لا يلتزمون به. خطط من أجل مستقبلك وكافح من أجل تطبيق هذا التخطيط.

اليوم 3

في الأسبوع الأول، قم بعمل مخطط تفصيلي للرواية التي تنوي كتابتها؛ لست مطالب بكتابة كل التفاصيل لكن المطلوب منك هو أن تدون العناصر والأفكار، اليوم هو بداية المشروع فدعك من الكلام وابدأ في الكتابة. لا تؤجل فالتأجيل هو عدو النجاح اللدود. في إحدى محضرات الرسام الكبير هنري ماتياس قال موجهاً خطابه لتلاميذه

ونحن كذلك علينا أن نكف عن الكلام والتسويف ونشرع في العمل والتخطيط.

اليوم 4

أي نوع من أنواع الروايات يستهويك؟ هل هي الروايات التي تدور أحداثها حول جرائم القتل الغامضة؟ أم روايات الخيال العلمي؟ أم الروايات المثيرة؟، ربما تكون الروايات الرومانسية أو الواقعية؟

يعتبر النقاد الروائية ” أليس منرو” من أفضل كتاب القصة القصيرة في الأدب الإنجليزي. فحجم مبايعات كتبها يفوق الثلاثون ألف نسخة سنوياً، أيضاً منرو من الكتاب الذي يتميز أسلوبهم بالوضوح والعمق، فمعظم قصصها تبدأ من النقطة التي يتوقع فيها كل الكتاب أنها نقطة النهاية.

فهي تتلاعب بالزمن كيفما تشاء، تارة تعود بك إلى الوراء عشرة سنوات، وفجأة تعود بك من جديد إلى الحاضر. لكن رغم كل ذلك، ألم تسأل نفسك ما هو سر نجاح منرو، تلك المرأة البسيطة التي تعيش في شمال كندا، هل لأن قصصها تدور حول أناس عاديين؟ أم لامتلائها بالألغاز والعنف والايحاءات الجنسية؟

فكر جيداً، عما ستكتب وبأي أسلوب ستكتب وفي أي قالب ستصيغ كتابتك، تأمل ما يدور حولك وأكتب عما يشغلك.

اليوم 5

ليس هناك نوع أفضل من الأخر، ليس هناك قواعد لكتابة أي قصة سوى أن تكون مشوقة. سواء أكانت قصة رعب، أو كوميدية، أو درامية أي نوع مقبول لكن يجب ألا تجعل القراءة يتثاءبون أثناء قراءتها.

اليوم 6

تعلم ممن سبقوك، أجمع بيانات كافية عن موضوع روايتك، قم بتحليل هذه البيانات. بعد تحليل البيانات عليك بعمل ملخص للرواية ككل، أعد قراءة هذا الملخص عدة مرات، بعد ذلك قم بتقسيم الملخص إلى أجزاء وفصول، دون الأحداث المهمة وقم بعمل تحليل لها، بعد الانتهاء من الملخص الصقه على الحائط المقابل لمكتبك وذلك حتى لا تحيد عن أفكارك الرئيسية في يوم ما.

اليوم 7

بالرغم من عدم وجود قواعد لصياغة أفكار الرواية لكن أود أن ألفت الانتباه إلى شيء هام؛ من أكبر الأخطاء التي يقع فيها معظم الكتاب المبتدئين صياغة أفكار كبيرة وعميقة عن القصة معتقدين أن الأفكار الكبيرة هي الأفضل.

هذا ليس مستحباً بالمرة، ينبغي أن تجعل افكار قصتك محدودة ومركزة. فتش داخل قدراتك الإبداعية عن قصة صغيرة لكنها تعكس معنى حقيقي بالنسبة لك. أنت فرد من أفراد العائلة الإنسانية فإذا كانت أفكار قصتك عميقة ومبهمة بالنسبة لك فعليك أن تتوقع أن هذه الأفكار ستكون عميق ومبهمة بالنسبة لنا نحن القراء.

اليوم 8

التقليد يمكن أن يؤدي إلى التميز، قم بتقليد عدة أساليب مختلفة لمن سبقوك، جرب عدة أصوات إلى أن تصل إلى الصوت الذي يطربك، لكن حينما تقوم بتقليد الأسلوب عليك دوماً أن تتذكر أن واجب عليك أن تكتب من واقع خبرتك الشخصية، لان خبرتك الشخصية هي الشيء الوحيد الذي يصنع التفرد. وفي هذا الشأن، يقول الأديب جون براين:

 إذا صار صوتك مسموع من بين الالاف الأصوات، إذا أصبح اسمك شيء له معنى من بين الاف الأسماء، فهذا لأنك قمت بعرض تجربتك الشخصية بصدق

اليوم 9

لا تقلق حينما تكتب عدة مشاهد أو صفحات لا تؤدي إلى أي مكان معلوم، لا تمزق أي شيئاً كتبته حتى ولو كان هذا الشيء بلا ملامح، اتبع نصيحة الروائية الأمريكية الشهيرة (جوان ديديون) التي اعتادت القيام بكتابة أفكارها على قصاصات ورقية ولصقها على لوحة خشبية لتعود وتستخدمهم من جديد.

تعليقاً على إحدى روايتها التي كتبتها في بداية مشوارها الأدبي والتي بعنوان “كتاب الصلاة المشتركة” تقول هذه الروائية الشهيرة:

 كتبت قصة قصيرة لا تتجاوز بضعة صفحات عن شخصية أحببتها وهي شخصية شارلوت دوجلاس أثناء ذهابه إلى المطار، وكنت أود أن أستخدم هذه الشخصية في الرواية لكني لم أجد مكان ملائم لها، لأن حياة هذه الشخصية هو مشهد واحد داخل صفحات الرواية، هذا جعلني أشعر بالضجر وتوقفت عن الكتابة، لكني عدت من جديد أكثر تصميماً وقررت أن أجد مكان لهذه الشخصية وبالفعل وجد لها ثغرة في منتصف الرواية، حقاً في بعض الأحيان يمكنك أن تجد مخرجاً في منتصف كتاب!

اليوم 10

في الأيام التسع الماضية استعرضنا المشكلة الأولى والتي حتماً ستواجه أي روائي ناشئ، ولكن قبل مغادرة هذه المشكلة نهائياً دعنا نكشف النقاب عن قضية أخرى أو بمعنى أخر “مشكلة أخرى”.

أكتب فقط عما تعرفه!

من المؤكد أنك سمعت العبارة السابقة كثيراً، اسمح لي أن أعلق عليها قائلاً ” إنها مقولة تافهة”، فنجيب محفوظ لم يكن يوماً لصاً أو سفاح حينما كتب رائعته اللص والكلاب” وطه حسين لم يكن أبداً “كرواناً” حينما كتب “دعاء الكروان”،  من الأفضل استبدال المقولة السابقة بمقولة أخرى أكثر منطقية، فبدلاً ما نقول “اكتب عن شيء تعرفه” دعنا نقول ” أكتب عن شيء تحبه”

المطلوب منك فقط هو أن تحب ما تكتب

على سبيل المثال علاء الأسواني، طبيب أسنان، كتب عدة رواية لكنها لم تلق قبول يذكر، ففكر في ترك وطنه والهجرة إلى الخارج، وأثناء هذه الفترة الأليمة التي كانت تجتاحه توقدت فكرة رواية عمارة يعقوبيان في ذهنه، استغرقت أربع سنوات حتى انتهى منها، أنظر! أربع سنوات؛ وبالطبع مئات المسودات حتى حققت أعلى مبيعات في تاريخ الرواية العربية.

<< الجزء السابقالجزء التالي >>

المصادر:


تم الاستعانة في كتابة محتوى هذا المقال بالعديد من المصادر على رأسها كتاب: how to write a novel in 100 days لجون كوين، بالإضافة إلى العديد من المقالات الصحفية واللقاءة التليفزيونية المسجلة مع كبار الكتاب في الوطن العربي.

اقرأ أيضاً:

شارك المحتوى

مقالات قد تهمك أيضاً:

3 تعليقات

  1. معلومات جميله وممتعه اسمي بلال مقبل الهيتي وانا اكتب الروايه الطويله لكن من وحي الاحلام لم ادرس اي شي يخص الروايه وانا خريج قانون وفي احد اليالي روادني حلم جميل فقررت ان اكتبه على شكل روايه وانشره على الفيس ولكونه يحكي واقع اجنبي جلبت بعض الروايات المترجمه وهي ثلاثه القطار السريع وذهب مع الريح والضياع في العاصفه ثم قمت بكتابت روايتي ونشرتها على موقع الحوار المتمدن ثم كتبت الاخرى والاخرى اعتقد خلاف الكاتب المحترم ان ما يهم في كتابه الروايه هو الموهبه اما باقي الاشياء فسهل الحصول عليها كما وان عامل الوقت غير مهم سواء كان يوم او مائة يوم المهم هو جمال الروايه ووصولها الى قلب المتلقي اضافه الى الاهداف القريبه والبعيده التي يرمي الكاتب الوصول اليها مع هذا النقد البسيط الى ان التشجيع على كتابه الرويه جميل وشكرا للكاتب على هذا العمل الجميل

  2. نصائح غالية
    مع الآسف من هؤلاء الكتاب المتباطؤن…لا أعرف متى سينطلق قطاري الادبي ليسلك طريقه الصحيح قبل ان يمر قطار العمر ويسبقه…؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *