هل أنت حزين بسبب قلة التعليقات على تدويناتك؟

حسن محمد


لعلك تحزن جداً حينما لا يعلق أحد أو حينما يعلق القليل من القراء على مقالك الذي تعبت في تنظيمه وترتيب أفكاره حتى أنك كنت تظن أثناء كتابته أن مئات التعليقات من المعجبين ستنهال عليك بمجرد نشرك اياه، ولعلك أيضاً تقارن مقالك الجيد بمقال مدون أخر دون المستوى وبالرغم من ذلك تجده يحصد الكثير من التعليقات والمشاركات الايجابية من القراء.

لا تقلق زميلي المدون ولا تحزن، فالعيب ليس فيك، ولا في قلمك، ندرة التعليقات شيء طبيعي يعاني منه أصحاب أكبر المواقع وأشهر المدونين، فحتى ولو تصادف وشاهدت مثلاً 40 تعليقاً على مقال ما في مدونة من المدونات، فحاول أن تبذل بعض الجهد لكي تعرف كم شخص قد قرأ هذا المقال، فالمقال الذي يحصد 40 تعليقك يكون عدد قرائه ما بين 3600 قارئ وحتى 4000 قارئ، أي أن شخص واحد فقط من بين مائة قارئ هو الذي يكتب تعليقه بينما الأخرين يقرأون فقط دون مشاركة، هذا الكلام تؤكده دراسة علمية يمكن الاطلاع عليها من هنا.

هذه الدراسة بينت أن نسبة 90% من زوار المواقع الإلكترونية سلبيون و 9% منهم يشاركون بصورة ضئيلة و 1% منهم يشارك بصورة كبيرة، معنى هذا الكلام أن من بين كل 100 قارئ لمقالك سيشارك 9 منهم بنسبة ضئيلة وواحد منهم سيشارك بصورة كبيرة. لذا لا تحزن أيها المدون المجتهد إذا جاءك تعليقاً كل فترة على مقال من مقالاتك، فمع كثرة الكتابة والمداومة على التدوين ستزداد الثقة بينك وبين قراء مدونتك وسيزداد أيضاً قرائك ومن ثم عدد التعليقات أو عدد المشاركات على الشبكات الإجتماعية.

بجانب بناء الثقة بينك وبين القارئ وبجانب زيادة عدد قراء المدونة هناك أسباب أخرى تسهم في زيادة عدد التعليقات على المدونة، ولكي نعرفها يجب أن نعرف أولاً ما هي الدوافع التي تجعل الزائر يعلق على مقال ما بالذات دون غيره، من هذه الدوافع:

الدافع الانفعالي

من المعروف أن التابوهات في مجتمعنا العربي ثلاث: الدين, الجنس, السياسة, لذلك يعلق الناس بكثرة على مواضيع التي تخالف ما هو معلوم من الدين بالضرورة مثل مقال ينتقد الحجاب, أو يحلل شرب قليل من الخمر أو تحليل لرأي شيخ من شيوخ الفضائيات يدعوا فيه الى رضاعة الكبير, أيضاً يعلق الناس على ما يسيئ للأوطان أو الأجناس أو الأعراق, ويعلقون ايضاً على مقال به قضية مخالفة لقانون علمي شهير أو لحقيقة تاريخية مثبتة. ولا أطلب منك أن تكتب في مثل هذه الأشياء لزيادة عدد التعليقات فاللذين اتبعوا هذه الطريقة سواء من السياسيين أو من الأدباء سقطوا بجدارة في مستنقع الفشل لأنهم كانوا طالبين شهرة وليسوا طالبين حقيقة, لكن في الوقت نفسه يمكن تناول قضايا تخالف الإجماع العام على موضوع ما بطريقة علمية وموضوعية  دون المساس بعواطف الناس, كأن تتحدث مثلاً عن الجوانب السلبية في جوجل, أو أسباب دعوتك لهجر الفيسبوك, أو نظريتك العلمية التي تهدم نظرية شامبليون في فك رموز لغة الفراعين, أو كمقال لي بعنوان “قانون الجذب وأسراره الخارقة” ..الخ

الدافع المادي

في كثير من الأحيان يجبر المدون الناس على التعليق حينما يتعمد مكافئة من يعلق بشيء مادي, فمثلاً حينما يعرض مدون كتاب من كتبه بالمجان بشرط أن يترك من يريد الحصول عليه تعليق, فتجد أن هذا المقال من أكثر المقالات تعليقاً بالمقارنة بغيره من المقالات في المدونة, وهنا المدون يستخدم نظرية العصا والجزرة مع زواره ولا أرجح مثل هذا الأسلوب, لأن التعليق الناتج عن الحب والحرية أفيد بكثير من التعليق الناتج من نفس مجبرة مضطرة فمثل هذا التعليق سيكون فاتر و في الغالب سيكون عبارة عن كلمة “مشكوووووووووووووور الشهيرة التي نقرأها كثيراً في تعليقات المنتديات.

التعليق الاضطراري

يعلق كثير من الناس على مقال أو موضوع حينما يضطرون لفعل ذلك, فحينما يكون الموضوع مهم وبه معلومات ناقصة أو غير واضحة يدفع المهتمين به إلى ترك تعليق طالبين من المدون توضيح ما به من غموض أو اكمال ما به من نقص, لذا لا جناح عليك إن لم تقول كل شيء في مقالك, لا بأس إن تركت مساحة كافية لذكاء القارئ يستطيع من خلالها أن يعبر عن نفسه.

التعليق بدافع المجاملة

يعلق بعض الناس من باب المجاملة لناس آخرين, فأنت تعلق في مدونتي إذاً علي أن أعلق في مدونتك,وهذا الأمر لا بأس به طالما أن التعليق يثري الموضوع ويقومه حتى ولو كان من باب المجاملة.

التعليق نتيجة الشعور الامتنان

 وهو ما يجب أن يسعى اليه كل مدون, فالتعليق النابع عن امتنان المعلق هو دليل وشهادة على جودة ما يقدمه المدون في مدونته, ومع أن هذا النوع من التعليق يشهد للمدون بالنجاح لكنه لا يفيد في مناقشة موضوع المقال وذلك لأن هذا النوع من التعليقات يعتمد فقد على “كلمات الشكر والثناء” أو “الدعاء لك بظهر الغيب” فهو في الغالب لا يولد افكار جديدة, تزيد من إثراء الموضوع. ويشعر الناس بالامتنان حينما يجدون ” معلومة كاملة” “معلومة منظمة” ” معلومة نادرة” ” مصداقية ونزاهة المدون”

سهولة قسم التعليقات ووضوحه في ثيم المدونة

التعليق على مقال في مدونة بلوجر أصعب من التعليق على مقال في مدونة ووردبريس وذلك لسببين هامين:

1- قسم التعليقات في البلوجر صعب على الكثير من الزوار من ناحية التسجيل, ففي حين أن مدونة ورد برس توضح للزائر جلياً ما هي الحقول المطلوب ملئها لكتابة التعليق (الاسم, البريد الإلكتروني, عنوان الويب) تجد أن بلوجر مازال يعطيك خيارات تسجيل تصعب على الكثيرين حتى على بعضنا نحن مستخدمي الإنترنت, فما بالك بالقراء الذين مازالوا حتى اليوم لا يفرقون بين المنتدى والمدونة ويعتقدون أن جميع مواقع الإنترنت ما هي الا منتديات تحتاج الى تسجيل وملئ خانات كثيرة من أجل هذا الغرض.

2- هناك بعض المدونين الكبار – او هكذا يلقبون- تأخذه العزة بالإثم.. فهو يدخل على مدونة مجانية على بلوجر ويقرأ ويستفيد ويستمتع لكنه لا يكتب تعليق.. فقط لأن المدونة مجانية.. فكيف له وهو المدون الكبير أن يشرف هذه المدونة المجانية بتعليقه!! وهذا يذكرني باللاعب الكبير محمد أبو تريكة, فحينما كان يلعب في نادي “الترسانة ” كان يحرز أهداف عالمية ولا أروع, وكان يصنع تمريرات لم يأتي بمثلها حتى أثناء لعبه في النادي للأهلي, لكن بالرغم من ذلك لم تسلط الأضواء لا عليه ولا علي لمساته ولا على اهادفه الا حينما انضم للأهلي, وذلك بسبب أن هناك نقاد وجمهور لا “يحبون” ولا “يعجبون” وإنما “يهابون” و “يوقرون”… فلا تحزن عزيزي المدون ستصبح مثل “تريكة” في عالم التدوين وستجبر المتكبر اليوم لان ينحنى لك “احتراماً” غداً , المهم أن تتحلى بالصبر والمثابرة وروح التحدي..

حسن محمد

معلومات عن الكاتب

مترجم فوري، عمل لدى العديد من كبرى الشركات والمنظمات العالمية من أهمها شركة تيتان الأمريكية، بي سي آي اليابانية وشركة قطر للبترول القطرية، شرع في التدوين في عام 2008 كهواية ومع مرور الوقت اكتسب خبرة في مجال التسويق بالمحتوى والكتابة التسويقية copywriting ومن ثم تحولت الهواية إلى مهنة مستقلة تهدف إلى تقديم الجودة والاحترافية في مجال التسويق الالكتروني وبخاصة في مجالي التسويق بالمحتوى والكتابة التسويقية، يعمل معه الآن فريق عمل محترف من المترجمين والمسوقين الإلكترونيين.

هذه المواضيع قد تهمك أيضاً:

  • مقال وافية وشاملة .. شكرا لك اخي العزيز حسن وبودي أن اقول لك أن مدونتك من المدونات المميزة جدا في عالم التدوين واحب ان اتابعها باستمرار ..

    شكرا لك ووفقك الله.

  • مقال مهم يا حسن، وشخصيا واجهتني هذه المشكلة، وسببت ليّ ضيقا. الأمر ليس متعلقا بالإحساس بالذات والبحث عن معجبين، بقدر ما هي مشكلة تواصل وتفاعل. التدوين علاقة تجاوب بين طرفين: كاتب وقاريء.. والأول لن يتطور إلا بملاحظات الثاني ونقده البنّاء. وإلا سيغدو الأمر كصراخ في مدينة مهجورة. مقال ممتع ودسم.. ألف شكر. تحياتي.

    • بالطبع يا دكتور ما جاء في هذا المقال بعيد عنك كل البعد.. فأنت من القراء الذين يشجعون ويناقشون ولا يبخلون ابدأ بنصائحهم على أحد.. أكثر الله من أمثالك

  • جميلة هذه التدوينة و الأجمل منها المدونة في حد ذاتها، ولا شك أن صاحب المدونة جميل هو كذلك….اسمح لي على هذا الدخول المباشر، في الحقيقة دخلت المدونة صدفة والفيت نفسي مجبرا على التعليق.
    لأن دافعا من الدوافع المذكورة كان سببا في ذلك و أنا أوافقك ، دافع الامتنان كما قلت.
    ارى انه اكثر الدوافع التي يجب للمدون ان يحرص عليها ، و لن يتسنى له ذلك إلا أذا قدم قيمة للقارئ ، شيئا يستفاد منه…تدوينة تكون بمثابة المساعدة او الدليل الذي يشد بيد القارئ نحو ما استشكل عليه…. وهذا ما لاحظته في تدوينتك هذه.
    فشكرا لك اخي حسن.
    و ساكون من متابعي مدونتك هذه.
    تحياتي
    ودمت بمحبة وود.
    اعتذر عن الإطالة.

  • شكراً لك اخى العزيز وفعلاً انا اعانى كثيراً من هذا الامر ويشرفنى اكون من المعلقين على مقالك المميز

    وطبعاً يشرفنى زيارة مدونتى :

  • اعجبني التصنيف ولغة الأرقام
    لكن هذا يتحتم علينا أن نحاول نستفز القارئ لكن بحدود
    أو نضع عامل التشويق أنا من النوع الذي يقرأ كثيرآ
    وأتضايق لما اتجاوز الموضوع بدون ادنى تفاعل لأنه يستهلك وقت
    خصوصآ لما تكون زيارتي عابرة للمدونات

  • مشكوووووووووووووور ههههههههه انا امزح اعجبتني التدوينة فهي رائعة وانت اروع بالنسبة لتعليقات بلوجر فكما ذكرت يصعب التعليق بها وخاصة عندما تكون المدونة غير تقنية كما لدي لذلك قررت اضافة تعليقات ديسكوس الشهيرة لاكن للاسف قليل من يعلق لان خاصية ظهور نافدة المنبتقة التي تحوي ان ديسكوس سيطلع على البريد الالكتروني والمعلومات الشخصية للحساب المراد التعليق به تخيف القراء الا يمكن اضافة مثل تعليقات وورد بريس للبلوجر وشكرا على الموضوع القيم وواصل ابداعك

  • من أكثر الموضوعات إفادة، لأنه يتحدث عن مشكلة حقيقية تواجه المدونين فعلا. كنت قرأت ذات مرة في إحدى الكتب أنه يجب عليك أن تطلب من الزوار فعل شيء في نهاية التدوينة، وانا تقريبًا بدأت اعتاد على ذلك بالطلب منهم أن يقوموا بالتعليق ولكن أحيانًا كثيرة (لا حياة لمن تنادي).

  • من أروع التدوينات التي لا بد لي من المرور عليها من فترة لفترة

    رغم ذلك أن من ٩٠٪‏ السلبيون ولكن السبب في ذلك أمرين:
    ١- صعوبة طرق التعليق.
    ٢- في أحيان كثيرة تعجب في التدوينة لكن يقف قلمك عاجزا عن وصفها، كهده التدوينة قرأتها أكثر من مرة ولم استطع الرد عليها إلا اليوم.

    وشكرا لك على ما تقدمة من جهد

  • {"email":"Email address invalid","url":"Website address invalid","required":"Required field missing"}

    كيف تنشر كتابك بنفسك؟ اطلع على تفاصيل كورس ناشر

    >